القهوة في الفضاء: كيف يشربها رواد الفضاء في انعدام الجاذبية؟

القهوة في الفضاء: كيف يشربها رواد الفضاء في انعدام الجاذبية؟

مقدمة

القهوة ليست مجرد مشروب، بل هي جزء من الروتين اليومي لملايين الأشخاص حول العالم. لكن ماذا عن رواد الفضاء الذين يعيشون في بيئة مختلفة تمامًا حيث لا توجد جاذبية؟ هل يستطيعون الاستمتاع بفنجان قهوة دافئ وهم يطفون في محطة الفضاء الدولية (ISS)؟
الإجابة: نعم، ولكن بطرق مختلفة تمامًا عمّا نعرفه على الأرض. في هذا المقال سنغوص في تفاصيل رحلة القهوة إلى الفضاء، التحديات التي واجهها العلماء والرواد، والابتكارات التي جعلت القهوة ممكنة في بيئة منعدمة الجاذبية.

Buy Me a Coffee


التحديات الأساسية لشرب القهوة في الفضاء

  1. انعدام الجاذبية: على الأرض، السائل يستقر في الكوب بفضل الجاذبية. لكن في الفضاء، القهوة تطفو على شكل قطرات صغيرة، ما يجعل شربها من فنجان تقليدي مستحيلًا.

  2. سلامة الأجهزة: أي تسرب للسائل قد يضر بالمعدات الحساسة داخل محطة الفضاء.

  3. درجة الحرارة: القهوة الساخنة في بيئة منعدمة الجاذبية تشكل خطرًا على الرواد إذا تطايرت قطرات صغيرة منها.

  4. التخزين والتحضير: يجب أن تكون الأدوات خفيفة، آمنة، وتعمل في ظروف خاصة.


الطرق الأولى لشرب القهوة في الفضاء

في بدايات رحلات الفضاء، لم يكن بإمكان الرواد شرب القهوة مثلما نفعل نحن.

  • في برنامج أبولو و مكوك الفضاء، كانت القهوة تقدم في أكياس بلاستيكية محكمة الإغلاق تحتوي على مسحوق قهوة مجفف بالتجميد (Freeze-dried coffee).

  • كان الرائد يضيف الماء الساخن للأكياس، ثم يشرب باستخدام أنبوب خاص.

  • الطعم كان محدود الجودة، أقرب إلى “القهوة سريعة التحضير” وليس القهوة الطازجة.


القهوة في محطة الفضاء الدولية (ISS)

مع تطور البعثات، أصبحت القهوة أكثر أهمية للرواد ليس فقط كمصدر للكافيين، ولكن أيضًا كراحة نفسية تساعدهم على تحمل العزلة وضغوط العمل.

1. الأكياس البلاستيكية (المرحلة الأولى)

  • القهوة المجففة بالتجميد تظل الأساس لسنوات.

  • يشرب الرواد عبر أنبوب مرن متصل بالكيس.

  • هذه الطريقة عملية لكنها بعيدة عن التجربة الحقيقية لفنجان القهوة.

Buy Me a Coffee

2. ظهور مشروع ISSpresso

في عام 2015، قدّمت وكالة الفضاء الإيطالية (ASI) بالتعاون مع شركة Lavazza ومايكروسوفت، جهاز تحضير قهوة إسبريسو خاص للفضاء، سُمّي ISSpresso.

  • صُمم ليتحمل بيئة انعدام الجاذبية.

  • يعمل بضغط الماء الساخن لتمريره عبر كبسولات القهوة مثل أجهزة Nespresso على الأرض.

  • كانت هذه المرة الأولى التي يستطيع فيها الرواد شرب إسبريسو حقيقي في الفضاء.

  • استخدم الرواد أكياس شرب شفافة بدلاً من الأكواب، حيث يُسحب القهوة عبر صمام خاص.

3. الكوب الفضائي (Zero-G Cup)

  • ابتكر علماء ناسا كوبًا خاصًا يسمح للرواد بشرب القهوة مباشرة دون أنبوب.

  • يعتمد على قوة التوتر السطحي بدلاً من الجاذبية لتوجيه السائل نحو فم الرائد.

  • شكله مثلث أو منحني ليسمح بتدفق القهوة بسلاسة.

  • لأول مرة شعر الرواد أنهم يشربون قهوتهم بطريقة أقرب لتجربة الأرض.


تجارب ناسا مع القهوة

  1. تجربة ISSpresso (2015): أثبتت إمكانية تحضير إسبريسو عالي الجودة في محطة الفضاء.

  2. اختبار الكوب الفضائي (2015–2016): سمح بتجربة شرب طبيعية أكثر.

  3. دراسة التأثير النفسي: ناسا تابعت كيف يساعد وجود القهوة الحقيقية في تقليل التوتر وزيادة راحة الرواد.

  4. أبحاث التغذية: دراسة ما إذا كان للكافيين تأثيرات مختلفة على الجسم في حالة انعدام الجاذبية.


القهوة كجزء من الحياة اليومية للرواد

  • القهوة أصبحت وسيلة للتواصل الاجتماعي بين الرواد، مثل طقس “استراحة القهوة” على الأرض.

  • بعض الرواد وصفوا تجربة شرب القهوة الحقيقية في الفضاء بأنها “لحظة إنسانية طبيعية وسط بيئة غير طبيعية”.


مستقبل القهوة في الفضاء

مع خطط السفر إلى القمر والمريخ، يبحث العلماء عن طرق جديدة لتوفير القهوة بشكل مستدام:

  • زراعة البن في أنظمة زراعة مغلقة (Hydroponics).

  • تطوير أجهزة أصغر وأكثر كفاءة لتحضير القهوة.

  • ابتكار أكواب جديدة تسمح بشرب القهوة في بيئات مختلفة من الجاذبية (قمرية أو مريخية).


خاتمة

القهوة في الفضاء لم تعد حلمًا، بل أصبحت حقيقة بفضل جهود وكالات الفضاء مثل ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية والإيطالية. من الأكياس البسيطة إلى أجهزة الإسبريسو الحديثة، أثبتت القهوة أنها ليست مجرد مشروب بل جزء أساسي من التجربة الإنسانية حتى في أقصى حدود الكون.
وربما في المستقبل، عندما يسافر البشر إلى المريخ، سيكون معهم جهاز قهوة صغير يذكرهم دومًا بمتعة الحياة اليومية على الأرض.

Buy Me a Coffee


إرسال تعليق

0 تعليقات