كريم والسلحفاة سلوى في شارع الإخلاص
في صباح يوم جديد، كانت الشمس ترسل أشعتها الذهبية لتوقظ مدينة القيم من نومها الهادئ. وقف كريم بجوار صديقته السلحفاة سلوى وهما يطالعان الخريطة التي أهداهما إياها الحكيم "عم محفوظ" في آخر مغامرة لهما.
قالت سلوى وهي تميل برأسها نحو الخريطة:
"النهارده هنزور شارع الإخلاص... شكله حيكون مختلف عن باقي الشوارع يا كريم!"
رد كريم بحماس:
"أنا متشوق أشوف الناس هناك بيعيشوا الإخلاص إزاي... يلا نبدأ رحلتنا!"
**
سار كريم وسلوى عبر بوابة المدينة السحرية، وفجأة وجدا أنفسهما أمام شارع طويل تحيطه الأشجار من الجانبين. كانت البيوت بسيطة ولكن أنيقة، والأرض مرصوفة بنظافة، والهواء يحمل عبير الزهور.
مرّا أولًا على ورشة نجارة، حيث يعمل رجل خمسيني اسمه عم "شكري". كان يعمل بكل تركيز وهو يصنع كرسياً خشبياً من دون أن يلتفت لأي ضجيج.
قال كريم:
"السلام عليكم يا عم شكري، ممكن نسألك سؤال؟"
رفع الرجل رأسه وابتسم قائلاً:
"وعليكم السلام يا حبايبي، اتفضلوا."
سألته سلوى:
"إيه اللي بيخليك مركز كده في شغلك؟ مش بتزهق؟"
ضحك عم شكري وهو يمرر يده على الخشب المصقول:
"يا بنتي، السر في الإخلاص. لما تعمل الحاجة وكأنك بتعملها لربنا، تحس بسعادة ورضا مهما كان التعب."
هز كريم رأسه بإعجاب، وسجل المعلومة في دفتره الصغير.
**
في الطريق، سمعا صوت طلاب صغار يرددون بصوت واحد نشيداً داخل مدرسة صغيرة تحمل لافتة مكتوب عليها "مدرسة الإخلاص الابتدائية". دخل كريم وسلوى ليستأذنا بالدخول.
قابلتهم المعلمة "منى"، بابتسامة طيبة:
"أهلًا وسهلًا! تحبوا تحضروا درس صغير عن الإخلاص؟"
جلسا بين الأطفال، وبدأت المعلمة تقول:
"الإخلاص يعني تعمل الحاجة من قلبك، مش علشان حد يشوفك أو يمدحك. الطالب المخلص هو اللي يذاكر حتى لو المدرس مش شايفه. والعامل المخلص هو اللي ينظف الطريق حتى لو محدش شاكره."
رفع أحد الأطفال يده وقال:
"يعني نعمل الصح حتى لو محدش شافنا؟"
"بالضبط!" أجابت المعلمة بفخر.
**
خرج كريم وسلوى من المدرسة وهم أكثر فهمًا لمعنى الإخلاص. لكن سرعان ما انتبها إلى مشهد غريب... شاب يُدعى "مازن" كان يدفع عربة لبيع العصير، لكنه توقف ليساعد سيدة مسنّة تحمل أكياسًا ثقيلة.
اقترب كريم وسأله:
"إنت سايب عربيتك ومش خايف حد يسرقها؟"
رد مازن مبتسمًا:
"الإخلاص مش بس في الشغل، ده كمان في المعاملة مع الناس. الست دي محتاجة مساعدة، وربنا هيحفظ رزقي."
تأثرت سلوى وقالت:
"مازن فعلاً مثال حقيقي للإخلاص."
**
بينما هما يسيران نحو نهاية الشارع، قابلا طفلة صغيرة تبكي أمام كشك للكتب. اقترب منها كريم وسألها برفق:
"مالك يا حبيبتي؟"
قالت وهي تمسح دموعها:
"كنت عايزة أشتري كتاب، لكن فلوسي وقعت ومش لاقياها..."
أسرع بائع الكتب واسمه "عصام" وناولها الكتاب قائلاً:
"خديه يا مريم، مش مهم الفلوس. المهم إنك تقري وتتعلمي."
نظرت مريم إليه بدهشة وقالت:
"بس حضرتك مش هتكسب كده!"
ضحك عصام وقال:
"لو كل حاجة عملناها علشان الفلوس، هنبقى خسرنا حاجات أهم... زي الرحمة والإخلاص."
**
وصل كريم وسلوى إلى نهاية الشارع، وهناك وجدا تمثالًا جديدًا من تماثيل المدينة، هذه المرة على هيئة قلب ذهبي تنبع منه أشعة من نور. بجانبه صندوق زجاجي فيه وسام "الإخلاص".
ظهر الحكيم عم محفوظ وقال لهما:
"مبروك يا كريم ويا سلوى! اجتزتما اختبار الإخلاص. مش كل الناس بتفهم إن الإخلاص مش بس كلمة، دي سلوك وروح. لما تخلص في نيتك وشغلك وحبك للناس، الدنيا بتردلك الخير أضعاف."
رفع كريم رأسه بفخر وقال:
"النهاردة فهمت يعني إيه أكون مخلص في كل حاجة... حتى لو محدش شايفني."
سلوى أومأت برأسها وقالت:
"وأنا كمان! هبدأ أطبق ده في كل حاجة بعملها."
**
أضاء التمثال فجأة، وخرج منه ضوء جميل غطى كريم وسلوى، وظهر الوسام الذهبي بين أيديهما.
"وسام الإخلاص" – نقش عليه:
"لمن عمل بصدق، دون انتظار مقابل."
**
وبينما هما يعودان عبر بوابة المدينة، قال كريم لسلوى:
"شارع الإخلاص علّمني إن السر مش في إنك تبان... لكن في إنك تكون حقيقي من جواك."
ضحكت سلوى وقالت:
"أعتقد إننا مستعدين للمغامرة الجاية!"
تعليقات
إرسال تعليق