مغامرة كريم والسلحفاة سلوى في شارع الوفاء
كان صباحًا مشمسًا حين استيقظ كريم على صوت زقزقة العصافير، ونسمات الهواء تداعب ستائر غرفته. تمدد في سريره وتثاءب، ثم قال بحماس:
"النهاردة يوم جديد… ومغامرة جديدة!"
قفز من السرير، وارتدى ملابسه بسرعة، ثم خرج ليجد السلحفاة سلوى في الحديقة، تتأمل الزهور وتتناول أوراق النعناع.
قال لها وهو يلوّح بيده:
"صباح الخير يا سلوى! مستعدة لمغامرة النهاردة؟"
ابتسمت سلوى وقالت: "أنا دايمًا مستعدة… بس هنروح فين؟"
رد كريم وهو يفتح خريطة قديمة وجدها في صندوق جده:
"شايفه الشارع ده؟ اسمه شارع الوفاء… مكتوب عليه إنه شارع بيسكن فيه أجمل الناس، مش بأشكالهم، لكن بقلوبهم."
رفعت سلوى حاجبها بدهشة: "يعني إزاي؟"
قال كريم بحماس: "اللي بيساعد غيره، اللي ماينساش المعروف، اللي قلبه أبيض… دول أهل شارع الوفاء!"
✦ البداية في الشارع العجيب
انطلقا معًا باتجاه الشارع، وكل منهما يتخيل كيف سيكون سكانه. وما إن وصلا حتى شعرا أن الشارع مختلف… رائحة الياسمين تعبق في الجو، والبيوت مزينة بقلوب صغيرة مرسومة على الأبواب.
أول من قابلوه كان رجل مسن يُدعى "العم شاكر"، كان يجلس أمام بيته ينظف حذاءً قديمًا بيد مرتعشة. اقترب منه كريم وقال:
"صباح الخير يا عم شاكر! محتاج مساعدة؟"
ابتسم العم شاكر بحنان وقال: "أنا بحافظ على الحذاء ده من سنين… ده هدية من جاري الله يرحمه، جابهولي يوم ما رجعت من السفر، ومن ساعتها وأنا بلبسه في المناسبات."
سألته سلوى: "يعني عمرك ما نسيته؟"
قال العم شاكر وهو يمسح دمعة سقطت من عينه: "الوفاء مش بس كلمة… الوفاء فعل بيعيشه الإنسان كل يوم."
✦ زيارة "الحاجة نعيمة"
بعد دقائق، وصلت سلوى وكريم أمام بيت واسع ومزين بالنباتات، تقف أمامه سيدة عجوز تُطعم القطط. اقتربا منها وسألاها:
"حضرتك بتأكلي القطط دي كل يوم؟"
ضحكت الحاجة نعيمة وقالت: "دول مش بس قطط… دول عيلتي اللي مستنيني كل صباح."
تعجّب كريم وقال: "بس ده بياخد وقت وجهد!"
ردت الحاجة: "اللي عنده وفاء، عمره ما بيشوف المعروف عبء… الوفاء بيخلي القلب خفيف والنية صافية."
ثم دخلوا بيتها بدعوتها، ووجدوا حائطًا مغطى بصور أطفال.
قال كريم: "إنتي مربيّة أطفال كتير؟"
قالت بفخر: "دول ولاد الجيران… كنت بذاكرلهم، أطبطب عليهم، وأقف معاهم في وقت الشدة. وكل صورة منهم فيها حكاية من الوفاء والمودة."
✦ المشكلة عند بقال الحارة
وأثناء جولتهم، سمعوا صراخًا عند محل البقالة. اقتربوا فوجدوا "عم عبدو" البقال، يتجادل مع أحد الزبائن.
قال الزبون بغضب: "أنت نسيت تديني باقي الحساب!"
رد عم عبدو بتوتر: "مستحيل أنسى! بس… يمكن أخطأت!"
تدخل كريم وقال بهدوء: "طب نراجع الكاميرا، ونتأكد سوا."
وبالفعل، راجعوا الكاميرا ووجدوا أن عم عبدو كان صادقًا.
خجل الزبون وقال: "آسف يا عم عبدو… أنا اتسرعت."
ضحك عم عبدو قائلاً: "مافيش مشكلة… الوفاء بيبدأ من الاعتذار."
✦ كريم يمر بالاختبار
وفجأة، وقعت محفظة على الأرض أمام كريم، كانت ممتلئة بالنقود والبطاقات. نظر كريم لسلوى، وقال: "دي بتاعة مين؟"
اقترب رجل مسن مسرع وقال: "دي محفظتي! كنت حطيت فيها إيجار الشهر… ووقعت مني!"
ترددت يد كريم للحظة، لكنه تذكر كل ما رآه في شارع الوفاء… وسلّمها على الفور.
قال الرجل وهو يرتعش من الفرح: "إنت ولد محترم… ووافي!"
شعرت سلوى بالفخر وقالت: "أنا عارفة إنك مش هتخيب ظني."
✦ مفاجأة سحرية في نهاية الشارع
حين وصلا لنهاية الشارع، وجدوا حديقة كبيرة تتوسطها شجرة ضخمة، وعلى أحد فروعها يتدلى صندوق خشبي جميل.
اقتربا وفتحاه… فوجدوا بداخله وسامًا ذهبيًا مكتوب عليه:
"لمن عاش بقلبه، لا بمظهره… لمن كان وفيًا في كل موقف، هذا الوسام هديتنا له."
ابتسم كريم وقال: "مش مهم نكون أقوياء أو أذكياء… المهم نكون أوفياء."
وردت سلوى: "شارع الوفاء علّمنا درس مش هننساه."
✦ العودة للبيت
عادا إلى المنزل مع غروب الشمس، وكل منهما يشعر بدفء خاص في قلبه. لم تكن مغامرة فيها وحوش أو كنوز، لكنها كانت رحلة لاكتشاف قيمة من أعظم القيم… الوفاء.

0 تعليقات